كتبته منذ مدة طويلة طلبا من أحد الزملاء أنشره اليوم على مدونتي
عيدة بوي
من
خلال زيارتي البسيطة والغير متعمقة لبعض الصحف الأمريكية ،أول ما لفت انتباهي في هذه المؤسسات هو قوة التنظيم
والتسيير والمساحة الكبيرة لحرية التعبير المبني على الأداء الصحفي المسؤول.
فالإعلام
لا يساند الحكومة بل يساند المواطنين وذلك من خلال إشعار المواطنين بمجريات الأحداث
والمشكلات وتفاصيلها ويترك للمواطنين حرية اتخاذ القرار في التأييد أو الرفض في كل
قضية يتم تناولها ،مع التركيز على تقدم التكنولوجيا والحرص على الوصول للمواطن أينما
كان وبكل الطرق المتوفرة عبر جرائد ورقية أو إلكترونية ،أيباد وهواتف ذكية..والأخبار ليست واحدة مثلا أخبار الجرائد الورقية غير
أخبار الجرائد الالكترونية غير أخبار الأيباد والهواتف الذكية مع دراسات دائمة لتفاعل
مختلف الشرائح مع هذه التقنيات ومواكبة آخر ما استجد عبر التكوين المستمر للعاملين في هذا
المجال،مع توفير العنصر البشري عبر اعتماد شبكة واسعة من المندوبين والمراسلين
المنتشرين في جميع أنحاء العالم ينقلون الخبر
من عين المكان مع تنوع التخصصات والعمل عبر أسلوب الخلايا . كذلك اعتماد
مختصين في الشبكات الاجتماعية (الفيسوك والتويتر) مهمتهم البحث عن المصادر والتواصل
للتعرف على احتياجات الناس أيضا التحقق من كل الأخبار المستجدة وبسرعة كافية لتحقيق
السبق الصحفي، فالعمل لا
يتوقف طيلة 24 ساعة إضافة إلى اجتماعات وتقارير يومية ( إحساس قوي بروح الفريق والتحفيز المستمر) فعملهم الصحفي
مؤسسي ومهني بعيدا عن الغوغائية التي تسود عالمنا العربي.
فإصدار
الصحيفة بالنسبة لهم ليس عمل أدبي أو فكري فحسب، بل صناعة قائمة بذاتها، لها اقتصادياتها وجهاز كامل له إدارته الخاصة مزيج إبداعي من فن
التحرير الصحفي، الكتابة بلغة تناسب الصحافة
ويفهمها الجمهور ثم الفن الإعلاني الإخراج الصحفي، الذي يتولى عملية التنسيق والجذب للمادة الصحفية في قالب تكنولوجي عصري مشوق متجدد ورائد.
يقال
أنه لا يمكن ممارسة الديمقراطية دون صحافة حرة ومستقلة ،ويقال أيضا أن الصحافة الحرة
تضع فاصلا واضحا بين الصحافيين ومالكي الصحافة أو أصحاب رؤوس الأموال ،ولكن
الأكيد أن العمل الصحافي على أنواعه تعترضه خطوط حمراء حتى في الديمقراطية الأمريكية،
فمفهوم الحرية مفهوم مطاطي تبعاً لاختلاف الثقافة والمصالح والنظام السياسي أو من خلال
جماعات الضغط أو الاتجاهات الفكرية التي تمثلها.
هذا
ما فهمته وتوصلت له خلال
زيارتي هناك (الأُصولية النيوليبرالية تحكم العالم
مالكي الصحافة يكتبون الأجندة والإعلام يعمل على تنفيذها في إطار
حداثي ديمقراطي يسخر
أخر الصيحات التكنولوجية والتقنيات المتطورة في التسيير
).