الجمعة، 18 سبتمبر 2015

ماذا يعني أن تكون صحفيا رقميا ؟



بقلم : عيدة بوي
بدأ الإعلام مسيرته في المجتمعات البدائيَّة عبر وسائل بسيطة تطوّرت مع تطوّر المجتمعات, فمن دقّ الطّبول, والحمام الزّاجل, والقصص الشَّعبيَّة والأساطير وصولاً إلى الكتابة والورق ومن ثمّ ظهور وسائل الإتصال الأخرى كالإذاعة والتّلفزيون والأقمار الصّناعيّة والأنترنت.

فشبكة الأنترنت الّتي بدأ ظهورها في الولايات المتّحدة في أواخر السّتينيات لأهداف عسكريّة صرفة ثمّ انطلقت لتقتحم مجالات أخرى، حتّى وصلت إلى الأفراد عبر تدفق اإعلامي إنساب بتلقائية ويسر إلى أي مكان في العالم، حتى أصبح ما يدور في أقصى الشرق يسمعه ويقرأه ويراه القاطنون في أقصى الغرب في اللحظة نفسها ،وبالتالي فرضت نمطاً اتصاليّاً مختلفاً  يحقق مقداراً أكبر من التّفاعل بين المتلقّي والمعلومات المتداولة في الشّبكة ، هذا الأمر انعكس إيجاباً على حرية التعبير والرأي ، فقد فتحت الصحافة الرقمية فضاءات جديدة أمام الصحفيين والمدونين والناشطين السياسيين وحتى الأشخاص العاديين بإزالة العوائق التي كانت تحول بينهم وبين حلم النشرالإعلامي.

والشيء المهم إدراكه هنا حقيقة أن الأمور في الإنترنت تتغير بإستمرار،فبزيادة  سرعة نشر المعلومات في الإنترنت كلما زاد الطلب على مواد إعلامية ذات مصداقية أكبر، مما جعل الجمهور المستقبل في بحث دائم عن مؤسسات إعلامية تمكنه من فرز وتصنيف الكم المتناثر في عالم الإنترنت.

كلّ هذه التّطوّرات تجعلنا نلمس مدى الحاجة الماسّة إلى التّخصّص والإحتراف في العمل الصّحفي الإلكتروني, هذا العمل الّذي مازال يعاني من عقبات .وصعوبات كبيرة خصوصاً في عالمنا العربيّ
فإذن  من هو الصحفي الرقمي ؟وكيف للصحفي العربي الذي مازال في مرحلة التجريب والهواية أن ينتقل لمرحلة الإحتراف والتّخصص ؟

 الصحفي الرقمي :هو شخص يقدم محتوى يخدم قراءه عبر شبكة الإنترنت فيه خصائص التحديث والآنية والنصوص النشطة والتفاعلية  بطرق تجمع بين النص والصورة والصوت (الوسائط المتعددة) من خلال الأجهزة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت في عملية تفاعلية بين المرسِل والمستقبِل
   
-هو من يستطيع أن يكتب بلغة عربية سليمة مع اختيار القوالب الصحفية المناسبة  للخروج بموضوعات متنوعة ما بين الخبر والقصة الخبرية والتقرير والحوار الصحفي بأشكاله البورتريه والبروفايل، والتحقيقات الاستقصائية ومقالات الرأي والتحليل والفيديوهات المصورة والمقابلات ونشرها بصورة جيدة ومتناسقة على المنصة الرقمية

-هو من يكون ملمًا بآخر التّطوّرات الفنيّة والتّقنيّة الّتي تساعده على تحسين عمله وتطويره في ضوء التحولات الكبيرة التي تشهدها تكنولوجيا الاتصال مع الحفاظ على جودة الصحافة وخلق بيئة للإبداع تجعل المستقبل ينجذب نحو ما يرى ويفهم كيف يستطيع الوصول إلى المعلومات التي يريدها من الموقع

-هو من له القدرة على التحقق والتأكد والتدقيق في المعلومات التي ترد على باقي المنصات الرقمية  كالإشاعات عبر الشبكات الاجتماعية في وقت وجيز مع التفاعل الآني والتحديث طوال اليوم  للمنصة الرقمية أو الصحيفة بنصوص مكتوبة، وصور ثابتة، ورسوم بيانية،وخرائط تفاعلية ومقاطع الفيديو، إستطلاعات رأي وبمشاركة تفاعلية مع الجمهور المستقبل

-هو من يتقن  مهارة جمع وتشارك محتوى الأحداث الجارية عبر الهواتف الذكية وخيرمثال الصحفي «نايك مارتان » من شبكة «سكاي نيوز»  قام بالتغطية المباشرة عبر هاتفه النقال من البيرو

-هومن يستطيع إستعمال التكنولوجيا الاٍتصالية الحديثة  للحصول والتواصل مع شبكة واسعة من المصادر لضمان سرعة تغطية الأحداث وتوسيع نطاق التغطية الجغرافية

-هو من يمارس اخلاقيات العمل الصحفي مثل إحترام الملكية الفكرية والدقة والموضوعية والحفاظ على الخصوصية

-هو من له إلمام كاف بكيفية الحفاظ على معدل جيد من الأمان الرقمي لمعلوماته وبياناته من المراقبة والتجسس 

-هو من يتكيف مع التغييروله القدرة على اكتساب الأدوات والتقنيات الأكثر فعالية- بالسعي دائما لتطوير عمله " بالتدريب المستمر" حتّى يصل إلى درجة عالية من الاتقان والاحتراف.



الثلاثاء، 21 أبريل 2015

يوم لا ينسى من أيام حياتي !

كلما نظرت اليها استشعرت ذلك الخوف اللعين في عينيها البريئتين ...وتذكرت يوما لاينسى من ايام طفولتي..خلال زيارة لوالدي في احدى العطل الصيفية في خندقه بثخوم الصحراء على طول تلك الحدود الوهمية، حيث المساحات القاحلة وسهوب الموت المحروثة بالألغام الارضية ،لازال صوت صرير الريح  المحمل بالغبار الذي كان يمنع عنا الرؤية بوضوح شجيا في اذناي وماكنا تكثرت له بل كنت واخوتي نطلق سيقاننا للريح نكتشف كل مكان... المباني الترابية المتأكلة ،خنادق الجنود المهجورة...كنا زوارا محبوبين مدللين كل طلباتنا مجابة رغم فقر المكان..
على ضوء الشموع والقناديل ليلا كنا نجافي النوم لنسمع قصص الكبار عن الحرب والبطولات ننتشي يملأنا الشغف والفخر بالانتماء..وذات ليلة ونحن نيام استفقنا مفزوعين على صوت انفجار ضخم .كانت امي بشجاعة ورباطة جأش تتفقدنا وتطمئننا ..وبمساعدة أحد الجنود خرجنا جميعا مهرولين بلباس النوم إلى أقرب مكان وهو عبارة عن مسجد صغير قيل لنا أننا سنكون فيه بأمان .
مكثنا هناك لبعض الوقت كنا خائفين جدا ملتفين حول امي ولسانها يلهج ولايتوقف عن الدعاء ان يحفظنا ...وماهي إلا دقائق معدودة حتى وصلت سيارة من نوع "jeep " سمعت امي تتحدث إلى احد الجنود :كان يخبرها أن والدي بخير مرابط  مع وحدته للتصدي للهجوم وهذه هي السيارة التي ستوصلنا  إلى المنزل ...وما ان ابتعدنا بضع كيلومترات حتى سمعنا ذوي انفجار كبير ، قنبلة استهدفت المسجد الذي كنا فيه ..ليكتب لنا عمر جديد .
يوم رعب لن يمحى ولايزال محفورا في ذاكرتي بكل تفاصيله واحاسيسه ..وكاني عشته بالأمس القريب..

فماذا عن اطفال يصارعون الموت ،يمزق الخوف أفئدتهم الصغيرة كل يوم ،كل لحظة ،كل دقيقة وثانية ...
عيدة بوي